واقع عمالة الأطفال في بغداد … وسبل المعالجة

عرض.م.د. حسناء ناصر ابراهيم
عرف الطفل بأنه : كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر، أما مفهوم الحدث فقد عبر عنه قانون العمل العراقي رقم 71 لسنة 1987 في نص المادة 90 : أن الاحداث هم الاشخاص الذين لم يكملوا الثامنة عشر من العمر. بينما يقصد بعمالة الاطفال ” اي نشاط يقوم به الطفل ويعد مساهمة في الانتاج او يتيح للبالغين المشاركة في اوقات فراغ او يسهل عمل الاخرين او يحل محل عمل الاخرين. كان هذا موضوع بحث للدكتوره حسناء ناصر الموسوم تحت عنوان ” واقع عمالة الاطفال في بغداد … وسبل المعالجة ”  ضمن بحوث المركز لعام 2013.

اشار البحث بان لا تعد كافة اشكال العمل ممنوعة وتحرم مزاولتها على الطفل بل اعتبر البعض ان مساعدة الطفل لاسرته في بعض اعمال المنزل والمزرعة والمؤسسة العائلية في سن مبكر لا تعد اعمال مضرة بالطفل بل تساعده على تحمل المسؤولية واكتساب المهارات وزيادة التطور المعرفي والمجتمعي. وشرع قانون العمل العراقي رقم 71 المادة 90
ثانياً :  اشكال الاعمال التي لا يجوز على الاحداث العمل بها او الدخول في اماكنها، وتشمل الاعمال التي تسبب امراض مهنية او معدية أو تسممات خطرة على حياة الحدث وتكون هذه الاعمال خطرة بحكم طبيعتها او الطرق او الظروف التي تجري فيها وعادة تحدد هذه الاعمال بتعليمات تصدر من وزير العمل والشؤون الاجتماعية،  ومن المتعارف عليه هنالك  اثار سلبية  لعمالة الاطفال ومنها مايلي : 
1. التأثيرعلى التطورالمعرفي : نتيجة  العمل  يترك الطفل المدرسة مما تؤدي الى ضعف قابليته على 
     القراءة والكتابة والحساب ويقل ابداعة اضافة الى ضعف مهاراته وقدراته الابداعية.
2. التأثير على التطور العاطفي: بسبب الابتعاد عن الاسرة وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل اومن قبل
    زملائه يفقد نفسه وارتباطه الاسري .
3. التأثير على التطور الاجتماعي والاخلاقي : تؤدي عمالة الاطفال الى  صعوبة التمييز بين الصح والخطأ، وضعف شعور الطفل  بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الاخرين. 
يمكن الاشارة الى نسبة عمالة الاطفال في محافظة بغداد أذ بلغ  نسبة المشتغلين الى مجموعة السكان للفئة العمرية (5-17) 8%  لعام 2008 تتوزع على العاملين الذكور نسبة 5% والعاملات الاناث 3%.  
ومن اهم الاسباب التي أدت الى عمالة الاطفال تاتي بالمرتبة الاولى الاسباب الاقتصادية : وتشمل خط الفقر الوطني، معدل البطالة، معدل الاعالة.أما الاسباب الاجتماعية: فهي  التهجير القسري ، فقدان الامن والاستقرار، التفكك الاسري، موت أحد افراد الاسرة العاملين، مرض أو أصابة أحد افراد الاسرة العاملين.
في حين توضح الاسباب الثقافية: الظروف الشخصية والاسرية، المستوى التعليمي للامهات، الرسوب وحالات الفشل الدراسي، الاتفاع تكاليف التعليم. وبعد بيان الاسباب المؤديه الى عمالة الاطفال لابد من الاشارة الى الحلول اللازمة للحد من هذه الظاهرة ومن هذه الحلول ما يلي : 

في الجانب الاقتصادي :
1- رفع مستوى معيشة العوائل المحرومة جداً من خلال تقليل معدلات الفقر ويكون ذلك بأيجاد فرص عمل لأرباب الاسر العاطلة .
2- اصلاح وتشغيل المنشأت العاطلة من عام 2003 حتى الان بالاعتماد على العمالة العراقية من خلالها يتم خلق فرص عمل للعاطلين من الشباب.
3- شمول الاسر المحرومة جدا والمتوسطة برواتب شبكة الرعاية الاجتماعية مع تقديم مساعدات مادية وعينيه لهم بين مدة واخرى
4- محاولة تشغيل الاحداث في اعمال غير خطرة كالعمل في خياطة وتطريز الملابس والحياكة وغيرها من الاعمال. 
5- أيجاد الاليات المناسبة لخلق فرص عمل مناسبة تجعل ربات البيوت والاطفال يعملون مع أسرهم وليس خارج المنزل يبحث الطفل عن عمل .
6- دور القطاع الخاص بتحدد الحد الادنى للأجور مع تطبيق العقوبات في حاله المخالفة .
7- تشجيع ارباب الاسر شديدة الحرمان والفقيرة على ايقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم القروض اللازمة بشروط مناسبة مع تقديم الدعم المادي والفني لأنشاء المشاريع .
8- تركيز جهود وحدة مكافحة عمل الاطفال في وزارة العمل ودورها في الحد من عمل الاطفال في الاعمال والمهن التى تؤثر على نمو صحة وسلامة الطفل .
في الجانب الاجتماعي :
1- تفعيل دور الباحثات الاجتماعية لحل مشاكل الاسر من حالات الطلاق والخلافات العائلية وهجران احد الابويين .
2- دور منظمات المجتمع المدني بزيارة الأسر المحرومة جداً والفقيرة والتعرف على احوال المعيشة
    والارتباطات الاسرية لتلك العوائل .
3- عند استقرار الوضع الامني محاولة ارجاع العوائل النازحة والمرحلة الى اماكنها السابقة مع تقديم المساعدات الممكنة لها من خلال مجالس الشعب  ومنظمات المجتمع المدني .
4- دور وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمنقولة في اجراء حملات توعية للأسرة ودورها في التعريف ببنود اتفاقيه حقوق الطفل والقوانين التي تمنع استغلاله .
5- تنظيم دورات تدريبيه لمفتشي العمل والاشراف على اماكن العمل لمنع استغلال الاطفال العاملين. 
6- متابعة اماكن عمل الاحداث وجعلها وفق شروط صحية مع تحديد عدد ساعات العمل حسب قانون العمل العراقي رقم 71 لسنة 1987 مع ضمان السلامة العامة لهولاء الاطفال العاملين من انارة وتهوية ومرافق صحية جيدة .
7- تفعيل دور العبادة كالجوامع والمساجد والكنائس في مساعدة العوائل شديدة الحرمان لتقديم مساعدات ماليه وعينية فضلا عن انشاء صندوق التكافل الاجتماعي لجمع التبرعات من الافراد الميسوري الحال وتقديمها الى العوائل الفقيرة .
8- تفعيل دور القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بتركيز الجهود للحد من مشكلة عمالة الاطفال.   
9- محاولة توفير خدمات الضمان الاجتماعي للعاملين الاحداث وشمول عماله الاطفال بالتأمين الصحي .
في الجانب التربوي :
1- محاولة ارجاع القسم الاكبر من الاطفال المتسربين الى مقاعد الدراسة من خلال حملات توعية توضح اهمية التعليم ودوره في المجتمع .
2- ايجاد فرص عمل للاطفال العاملين بعد الدوام في اعمال تؤمن مصرف مناسب للطفل اواسرته.
3- تقديم المساعدات المادية للطلبة الذين ينتمون الى الاسر المحرومة جداً مع تقديم الكسوة الشتوية والصيفية فيما يخص الزي المدرسي .
4- محاولة تخفيض الرسوم الدراسية وذلك لتقليل نسبة تكاليف الطالب التي تتحملها العوائل الفقيرة.
5- تنظيم دورات تدريبيه لمعلمي المدارس وذلك لتحسين اساليب الدراسة وتوثيق علاقة الطالب بالمعلم فضلا عن تطوير مناهج التعليم .
6- توعيه الطلاب بمادئ العمل المبكر عن حاضر ومستقبل الطفل مع تعريفهم باتفاقيه حقوق الطفل وبنودها الى تمنع استغلال الاطفال وتحديد السن القانوني لعمل الاحداث .


الاستنتاجات : من خلال البحث تم التوصل الى العديد من الاستنتاجات ومن أهمها ما يلي 
1- تبلغ نسبة الاطفال في المجتمع العراقي 40% لغايه عام 2011 وهذا يعني ان ما يقارب نصف المجتمع العراقي هو يشمل فئه الاطفال الذين يحتاجون الى رعاية مناسبة .
2- بلغت نسبه عمالة الاطفال في بغداد 8% في عام 2008 في حين كانت نسبتها 3% في عام 2006.
3- كان للظروف الامنية المتردية في السنوات التي اعقبت عام 2003 احد الاسباب المهمة في عمالة الاطفال بسبب حالات العنف التي ادت الى فقدان بعض معيل الاسر اضاف الى التهجير والنزوج للعديد  من العوائل. 
4- ارتفاع نسبة الاسر المحرومة في بغداد والبالغه 4,8 % اكثر من نسبة الاسر المحددة على الخط الوطني وهذا بدوره يعكس شدة الحرمان من الحاجات الضروريه لبعض الاسر .
5- كان لارتفاع معدل الفقر والبطاله في محافظات العراق ومنها محافظه بغداد سبباً في ترك الطلبه للتعليم والبحث عن عمل لرفع مستوى معيشة عوائلهم .
6- ضعف دور منظمات المجتمع المدني في الحد من ظاهرة عمالة الاطفال .

التوصيات : من اهم التوصيات التي خرج بها البحث هي : 
1- متابعه حالات تسرب الطلبه من خلال ادارات المدارس وتنظيم اجتماع اولياء الامور بصورة متواصلة 
2- عند استقرار الوضع الامني محاولة ارجاع العوائل المهجرة الى اماكنها القديمة مع تقديم المساعدات اللازمة لها .
3- حصر إعداد عمالة الاطفال في بغداد وباقي المحافظات ومحاولة حمايتهم حسب قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 وتعديلاته .
4- دور القطاع الخاص برفع معدلات الاجور ضمن هياكله وذلك لمساعدة اطفال العوائل المعوزة.
5- تفعيل دور القطاع الخاص بأنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة من معامل الالبسه الجاهزة ومعامل صنع الاحذية وضمان تفاعله مع ظاهره عمالة الاطفال بالتشريعات والقوانين التي تحمي الطفل وتضمن حقوقه.
6- تفعيل مشروع التغذيه المدرسية لمساعدة العوائل الفقيرة وذلك بالتقليل من نفقات التعليم عليها .
7- تكثيف برامج محور الامية مع اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من تسرب الطلبة من التعليم 
8- تفعيل دور وحدة مكافحة عمل الاطفال العائدة لوزارة العمل مع تزويدها بالوسائل القانونية والمادية وذلك لمتابعة قضايا حماية الاطفال العاملين تحت ضغط الحاجة .
9- محاولة ايجاد معالجة مجتمعية لمشكلة عمالة الاطفال من خلال الدوائر الاتية : وزارة التخطيط،الجهاز المركزي للأحصاء، وزارة حقوق الانسان،وزارة الداخلية للحد من هذه الظاهرة وايجاد الحلول المناسبة لها .
10- استحداث قاعدة بيانات كاملة عن عماله الاطفال حسب الجنس, الاعمار, نوع العمل, في بغداد وباقي المحافظات.
11- أجراء المزيد من البحوث والدراسات بهذا الشأن مع الاشارة الى الاسباب المؤدية الى عمالة الاطفال واهمية التنشئة السليمة للطفل ودور واهمية الطفل في الوقت الحالي والمستقبل.
12- محاولة ربط مخرجات التعليم من الخرجين الطلبة باحتياجات سوق العمل وذلك لتقليل من البطاله.
13- اجراء دراسات دورية عن معدل العائد من التعليم ومقارنتها مع اجور عمل الطلبه المتسربين.

Comments are disabled.