الملوثات المعدنية ومخاطر تواجدها في الخضار والفواكه المعلبة

 أ.م.د.محمد عبد الرزاق الصوفي

يشكل استهلاك الأغذية المعلبة أحد أكثر الأنماط الاستهلاكية تطورا على مستوى العالم، إذ بدأت صناعة هذه الأغذية بالظهور على المستوى التجاري في بدايات القرن العشرين وازداد الإنتاج العالمي لها وبدأت المكننة تدخل في عملية تصنيعها لأجل توفير أغذية ذات فترة حفظ أطول فضلا عن كونها سهلة التداول والاستعمال ، ويمثل التلوث بالمعادن الثقيلة في الأغذية المعلبة احد الأخطار التي يواجهها المستهلك، إذ يعود وجود هذه المعادن إلى المادة الأولية المستعملة في عملية التصنيع وعدم خضوعها إلى عمليات التنظيف والغسل الكافي من اجل التخلص من هذه المعادن، أو انتقالها إلى الغذاء من العلبة المدنية الحافظة لها بسبب ضعف الطلاء الداخلي الذي يعمل على منع تماس المادة الغذائية مع معدن العلبة، إذ قد يلجأ بعض المنتجين إلى استعمال علب تعبئة معدنية رخيصة الثمن تتصف بضعف كمية الطلاء الداخلي لتقليل تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح، إلا إن هذه الممارسات تشكل خطرا على المستهلك لاحتمال تسببها في حصول التسمم بالمعادن، مما يؤدي إلى ظهور آثارها السلبية على المستوى البعيد عن طريق الأمراض السرطانية لعدم تمكن جسم الإنسان من تحليلها، وقد أهتم الباحثون بدراسة وتحليل الملوثات الغذائية وتحديد كمياتها  والأضرار الناجمة عنها، ومن أهم الملوثات الغذائية عناصر المعادن الثقيلة كالزئبق والزرنيخ والكادميوم والكوبالت والسلينيوم والرصاص ، وهذه الملوثات قد تصل إلى الأغذية المعلبة خاصة الخضار والفواكه عن طريق الهواء أو الماء أو التربة وكذلك بوساطة التصنيع، إذ يعد التلوث بالرصاص خطرا بالغا على صحة المستهلك بسبب قدرته في إحداث أضرار شديدة في أنسجة وأعضاء جسم الإنسان والحيوان سواء كان ذلك بعد التعرض الحاد أو المزمن نظرا لسهولة امتصاصه بسهولة عن طريق الجهاز الهضمي وانتقاله إلى مجرى الدم، ويرتبط غالبيته بأغشية كريات الدم الحمر أما الكميات المتبقية تظهر بشكل رصاص حر في البلازما، ومن ثم يتوزع على الأنسجة بسرعة، إذ يتراكم في الأنسجة الرخوة كأنسجة الرئة والطحال والكبد والكلى التي تكون بمثابة مستودعات للرصاص في الجسم، وهو سام جدا لصحة الإنسان ولحد الآن لم يعرف للرصاص أي تأثيرات مفيدة لجسم الإنسان، إذ تؤثر الجرع الواطئة منه سلبا على الجهاز العصبي والتناسلي والقلب والدورة الدموية، أما التعرض المستمر لمستويات واطئة منه فيؤدي إلى تجميعه في تركيب العظام والأنسجة، كما أن التعرض المتراكم للرصاص له علاقة بالأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، أما الكادميوم الذي يصل إلى الدجاج عن طريق الهواء والتربة والماء والعلف فله تأثيرات سامة لا تقل خطورة عن الرصاص، إذ يؤدي التلوث بالكادميوم إلى إحداث سرطان البروستات والكبد والكلية والمعدة، وبصورة عامة فأن التسمم بالمعادن السامة يؤدي إلى انخفاض تركيز البروتين الكلي بسبب حدوث تحطم وتحلل البروتينات يرافقه ازدياد في كمية اليوريا من جهة أخرى لأنها تمثل الناتج النهائي لتحلل البروتينات في الكبد كما ينعكس سلبا على الانيبيبات البولية في الكلية وإحداث تلف لهذه الانيبيبات وما ينجم وهذا بدوره يؤدي إلى الإصابة بداء النقرس مع زيادة مستوى اليوريا في البول وهذا يقود في النهاية إلى حدوث عجز مزمن في الكلية والكبد، وفي العراق ونتيجة لتغير نمط الاستهلاك المحلي ودخول العديد من الأغذية المعلبة إلى الأسواق المحلية دون رقابة وممارسة العديد من الدول سياسة الإغراق تجاه العراق أدى ذلك إلى توافر عدد كبير من الأغذية المعلبة المخالفة للاشتراطات القانونية والصحية مما انعكس سلبا على صحة المستهلك من ناحيتين تمثلت الأولى بشكل مباشر من خلال من خلال تناول الأغذية المعلبة الحاوية على سموم وملوثات مرضية، بينما تكون الثانية بشكل غير مباشر من خلال التأثير التراكمي لاستهلاك هذه الأغذية الحاوية على ملوثات ذات اثر بعيد كالمعادن السامة والتي تتواجد في هذه الأغذية عن طريق المواد الأولية المستعملة في صناعة العلب التي تحوي المواد الغذائية.


لذا على المستهلك أن…

يتجنب اقتناء واستهلاك الخضراوات والفواكه المعلبة ذات المصادر غير الموثوق منها والتأكد من عدم وجود الرائحة المعدنية المميزة بعد فتح العلبة وتجنب استهلاكها في حالة الشك في سلامتها لتجنب الأضرار الناجمة عن استهلاكها

Comments are disabled.