التنمية المستدامة: 

        هي التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية إلى جانب الأبعاد الاقتصادية لتحسين استغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجيات الأفراد مع الاحتفاظ بحق الأجيال القادمة. مع الحفاظ على الموارد الطبيعية وعدم استنزافها من جهة وعدم تعارض مجالات هذه التنمية مع بعضها من جهة أخرى، وعدم السماح للتطور الصناعي بالتاثير على البيئة.

أبعاد التنمية المستدامة:

أولا: البعد الاقتصادي: 

     إيقاف تبديد الموارد الاقتصادية، والحد من التفاوت في المداخيل والثروة، فضلا عن الاستخدام العقلاني والرشيد للإمكانيات الاقتصادية. إلى جانب ذلك تهتم التنمية المستدامة بالمساواة بين الشعوب والدول في مستوى التنمية الاقتصادية اذ تشير المؤشرات العالمية إلى

أن شعوب الدول المتقدمة تنعم بالثروة والرفاه الاجتماعي، وازدياد مستوى نموها الاقتصادي، مما أدى إلى تطور أنماط الإنتاج والاستهلاك فيها، وفي مقابل ذلك تشهد الدول النامية تدهور كبير في مواردها الطبيعية وتراجع اقتصادها، مما ينعكس سلبا على الجانب الاجتماعي لشعوبها من خلال ارتفاع معدلات البطالة وتدني مستوى معيشة أفرادها. وذلك نتيجة لاعتمادها على الاقتصاد الريعي، وزيادة الإنفاق العسكري بدلا من محاربة الفقر والأزمات الاقتصادية التي يعيشها، وهذا ما يفرض رشادة استخدام هذه الموارد بشكل يؤدي إلى حماية البيئة وتحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأجيال الحاضرة واللاحقة.

ثانيا: البعد الاجتماعي:

     اعتماد مبدأ العدالة، ويهدف إلى إشباع الحاجات الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية والدخل الكافي وتحسين المستوى المعيشي للأفراد. كما يتعلق هذا البعد بالصحة والتربية والسكن والعمل، وضمان سلامة أنظمتها الإنتاجية التقليدية وبيئتها الاجتماعية.

وبالأساس يهدف إلى تحسين العلاقة بين الطبيعة والبشر، والى النهوض برفاهية الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، والوفاء بالحد الأدنى من معايير الأمن، واحترام حقوق الإنسان .

ثالثا : البعد البيئي:

     الاستدامة البيئية حماية الموارد الطبيعية الضرورية، لضمان حماية البشر، كالماء والهواء والأرض والتنوع البيولوجي، بحيث لا يقود إلى تدهورها بشكل محسوس عن طريق التلوث وتراكم ثاني أكسيد الكربون، والقضاء على طبقة الأوزون، والقضاء على المساكن الطبيعية التي تسمح بضمان التنوع البيولوجي، ويكون ذلك عن طريق محاربة التلوث والتقليل من استهلاك الطاقة وحماية الموارد غير المتجددة، والحفاظ على سلامة النظام البيئي وقدرته على التكيف، ومراعاة الحدود البيئية بحيث يكون لكل نظام بيئي حدود معينة لا يمكن تجازوها من الاستهلاك والاستنزاف، أما في حالة تجاوز تلك الحدود؛ فإنه يؤدي إلى تدهور النظام البيئي، وعلى هذا الأساس يجب وضع الحدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج البيئية، واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة.

 أهداف التنمية المستدامة:

     تسعى التنمية المستدامة من خلال آلياتها ومحتواها، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، التي تصبوا إليها، والقواعد التي تتحقق من جرائها، والتي يمكن تلخيص أهمها فيما يلي:

أ- القضاء على الفقر وتحسين الوضع المعيشي من خلال محاربة الفقر وتحسين الوضع الصحي للإنسان وتأمين متطلبات الحياة الأساسية ووضع برامج الدعم الغذائي والقضاء على المجاعات، بمعنى آخر تحسين نوعية الحياة بكافة جوانبها لسكان العالم.

ب- الحفاظ على الموارد تحقيق الاستخدام أو الاستغلال الأمثل للموارد المختلفة دون استنزاف هذه الموارد أو التأثير على حق الأجيال القادمة فيها، ففي مجال الطاقة مثلاً يجب البحث باستمرار عن مصادر جديدة للطاقة والاستمرار أكثر في مصادر الطاقة المتجددة التي لا تنضب الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح وغيرها، أما في المجال الزراعي فيجب البحث عن أساليب جديدة للزراعة واستصلاح أكثر للأراضي الزراعية بما يضمن تحسين وزيادة الانتاج الزراعي، وذلك لتحقيق الأمن الغذائي العالمي من جهة والحفاظ على حق الأجيال القادمة في هذه الموارد من جهة أخرى.

جـ- النمو الاقتصادي من خلال تحسن الوضع المادي بشكل عام وهو أحد ابعاد التنمية المستدامة، وتحقيق النمو الاقتصادي العالمي سوف يحسن بالضرورة فرص الاستثمار في مجالات التنمية الأخرى مثل الصحة والتعليم والتطور الصناعي والتكنولوجي والتنمية الاجتماعية وتقليل الفقر، ولكن هذا النمو يجب أن لا يتعارض مع التنمية البيئية من خلال تأثير التقدم الصناعي على النظام والحياة البيئية من جهة، أو يسبب استهلاك مجحف واستنزاف لموارد اليوم على حساب المستقبل وحق الأجيال القادمة فيه.

د – التقدم الاجتماعي يشمل أبعاد أو مجالات مختلفة ومتنوعة، مثل تحسين التعليم من خلال محاربة الجهل والأمية وايصال التعليم لأكبر قدر من الناس، وتحسين وتطوير الصحة من خلال تحسين نوعية المعيشة ومحاربة الأمراض والأوبئة العالمية والإقليمية، محاربة الفقر وعلاج مشاكل اللاجئين والاهتمام بالطفولة والعدالة الاجتماعية

هـ – حماية البيئة ان التنمية البيئة من الأبعاد والأهداف الأساسية لعملية التنمية المستدامة، فخطط التطوير والتنمية في أي مجال يجب أن لا تؤثر سلباً على البيئة أو النظام البيئي، ويتحقق ذلك من خلال مثلاً الاعتماد على موارد الطاقة النظيفة والقضاء على التلوث البيئي الحاصل عن عمليات التصنيع وغيرها وعدم التأثير على التوازن البيئي من خلال عمليات الصيد الجائر والتوسع السكاني على حساب البيئة.

و- النظرة المستقبلية فعملية الاستدامة في التنمية تعني عدم اقتصار الأهداف التنموية على الحاضر وإنما يجب أن نرى نتائجها في المستقبل، ويجب أن تكون عملية التنمية عجلة تستمر بالدوران دون توقف، ويجب أن لا تتعارض عمليات التنمية في الحاضر مع مصالح الأجيال القادمة في أي مجال سواء الطاقة أو البيئة أو الموارد الغذائية أو المائية.

مؤشرات التنمية المستدامة:

تهدف هذه المؤشرات في تقييم مدى تقدم الدول والمؤسسات في مجال تحقيق التنمية المستدامة بصورة فعلية، مما يستدعي أخذ قرارات صارمة دولية ووطنية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومحور هذه المؤشرات يرتكز حول القضايا التي تضمنتها توصيات أجندة القرن الحادي والعشرين، وهي تشكل إطار العمل البيئي في العالم. والتي حددتها الأمم المتحدة بالقضايا التالية:

المساواة الاجتماعية، الصحة العامة، التعليم، الفئات الاجتماعية، أنماط الإنتاج والاستهلاك، السكن، الأمن، الغلاف الجوي، الأراضي، البحار والمحيطات والمناطق الساحلية، المياه العذبة، التنوع البيولوجي، النقل والطاقة، النفايات الصلبة والخطرة، الزراعة، التكنولوجيا، التصحر والجفاف، الغابات، السياحة البيئية، التجارة، القوانين والتشريعات والأطر المؤسسية

أولا: القضايا الاجتماعية:

 أ- الصحة العامة: الحماية الصحية من المخاطر الناجمة عن التلوث البيئي والسيطرة على الأمراض السارية والمعدية أو حماية الأطفال وكبار السن ذلك أن الصحة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتنمية المستدامة، زيادة على ذلك يعد الحصول على مياه صالحة للشرب وغذاء صحي، من أهم مبادئ التنمية المستدامة.

أ-الديموغرافيا:

     نعلم أنه كلما زاد معدل النمو السكاني في دولة ما، زادت نسبة استهلاك الموارد الطبيعية، وتقلص النمو الاقتصادي المستدام، أي أن هناك علاقة عكسية بين النمو السكاني والتنمية المستدامة، والمؤشر الرئيسي الذي يستعمل هو معدل النمو السكاني.

ب- السكن:

     تشكل الهجرة من الريف إلى المدينة، من أحد أهم أسباب زيادة السكن البشري العشوائي وزيادة نسبة المتشردين، ومن أهداف التنمية المستدامة توفير سكن ملائم للمواطن، ليعيش حياة كريمة في مسكن أمن، ومؤشر التنمية المستدامة في هذه الحالة هو نصيب الفرد من الأمتار المربعة في الأبنية.

ج- التعليم:

     وهو من أهم المكاسب التي يمكن أن يحصل عليها المواطن لتحقيق النجاح في الحياة. ويعتبر مطلباً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة. وحسب جدول أعمال القرن الحادي والعشرين.

د- الأمن:

     وهو الأمن الاجتماعي وحماية الناس من الجرائم، بفضل وجود نظام للإدارة الأمنية، متطور وعادل من أجل حماية المواطنين من الجريمة، ومن أهمها: جرائم المخدرات والعنف والجرائم ضد الأطفال والمرأة. ومؤشر الأمن: هو قياس الأمن الاجتماعي من خلال مرتكبي الجرائم في المجتمع.

ثانيا: القضايا و المؤشرات البيئية: 

     وهي البحار والمحيطات،  الغلاف الجوي،  الأرض،  المياه العذبة،  التنوع الحيوي.

أ- المحيطات و البحار:

     تشكل البحار والمحيطات نسبة 70%من مساحة الكرة الأرضية، لذا وجب إدارة هذه المناطق بطريقة مستدامة بيئيا من أجل الحد من التدهور الناجم عن الأنشطة البرية، والاستغلال غير المستدام للأسماك وغيرها من الموارد الحية. وكذلك من التلوث البحري الناتج عن النقل البحري، ومشاريع النفط والغاز في المياه الساحلية. وكما جاء في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين بناءً على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار إلى إتباع نهج متكامل، للحفاظ على التنوع الحيوي وإنتاجية النظم الإيكولوجية، مع تحسين نوعية الحياة في المناطق الساحلية. ومؤشر المحيطات والبحار هو النسبة المئوية لمجموع السكان في المناطق الساحلية.

ب- الغلاف الجوي:

     يندرج في هذا الإطار كل من التغير المناخي وثقب الأوزون ونوعية الهواء. وتتصل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بصحة الإنسان واستقرار توازن النظام البيئي، حيث تضمن جدول أعمال القرن الحادي والعشرين نهج متكامل لحماية الغلاف الجوي تتمثل في ما يلي:

1. معالجة التلوث الهوائي العابر للحدود.

2. منع استنفاد الأوزون.

3. تحسين الأساس العلمي من أجل معالجة حالات عدم اليقين؟

جـ- الأرض:

     إن طريقة استعمال الأراضي هي الصورة الأساسية لمعرفة مدى تطبيق مبادئ التنمية المستدامة، وهذا بعد اتخاذ قرارات سياسية واقتصادية بدرجات متفاوتة من المسؤولية الإدارية والسياسية. وحسب جدول أعمال القرن الحادي والعشرين، فإنه يجب إتباع نهج كلي من أجل تحقيق التنمية المستدامة لموارد الأرض، بالاعتماد على نظم إيكولوجية من أجل حماية البيئة والموارد الطبيعية.

د- المياه العذبة:

     الإدارة المتكاملة لموارد المياه وضرورة حمايتها والمحافظة على نوعيتها، وذلك من خلال تحسين التقييم وزيادة فهم الآثار الناتجة عن تغير المناخ، وركزت على إعطاء الأولوية لمياه الشرب والغذاء والتنمية المستدامة في المناطق الحضرية والريفية. ومؤشر المياه العذبة هو: نوعية وكمية المياه المتاحة في كل منطقة.

هـ- التنوع الحيوي:

     إن حدوث تغيرات رئيسية أو تدهور أو فقدان التنوع الحيوي، يمكن أن ينتج عنه آثار اقتصادية واجتماعية وثقافية، ذلك لأن التنوع الحيوي يعتبر عنصرا أساسيا في التنمية المستدامة، خاصة في صناعة الأدوية المتداولة والمصنوعة من نباتات برية ذات خصائص طبية وعلاجية مميزة. كما نشير إلى أن الأمن الغذائي والاستقرار المناخي وأمن المياه العذبة وصحة الإنسان مرتبطة مباشرة بالتنوع الحيوي واستعمالاته .