التحقيقات الصحفية..
البحث العلمي في العراق..و الفجوة الحاصلة بين الباحث والمجتمع
أجرى التحقيق/ ثائر علوان محمد
يسعى العراق أن يكون في طليعة الدول في مجال إجراء البحوث العلمية لما يمتلكه من إمكانيات علمية ومواد أولية إلا أن هذا يتطلب وقفات جادة للنهوض والارتقاء نحو التقدم ولهذا فقد أقامت جامعة ديالى/ دائرة البحث والتطوير في الجامعة ندوتها العلمية التخصصية الأولى تحت شعار (البحث العلمي ركيزة الأمم في التطور والارتقاء نحو الأمام) الثلاثاء 8/5/2012 على قاعة العلامة مصطفى جواد/ كلية التربية للعلوم الإنسانية، والتي حضرها السيد رئيس جامعة ديالى الدكتور محمود شاكر رشيد وبحضور العشرات من الباحثين والأكاديميين .
وللوقوف على الهدف من إقامة الندوة ومعرفة البحث العلمي والإمكانيات التي يراد لها الباحث فقد ارتأينا الحديث مع (أ.م.د منتهى عذاب ذويب/ مساعد رئيس الجامعة للشؤون العلمية): في ضوء أهداف هذه الندوة، ماهي إستراتيجية الجامعة في مجال البحث العلمي واليات التعاون مع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص؟
فأجابتنا: هناك الكثير من المشاكل والمعوقات التي تواجه البحث العلمي في جميع المؤسسات العلمية ومنها الجامعات هذه مسألة يجب الاعتراف بها، لابد من تحديد تلك المشاكل والمعوقات، والرغبة في دفع عجلة البحث العلمي في الجامعة من لدن قيادات الجامعة، ثم تأتي الإمكانيات المادية التي هي ضرورة ملحة لدفع عجلة البحث العلمي، والتركيز على المعوقات والمشاكل والتواصل مع مراكز الأبحاث العلمية، ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص.
بينما حدثنا الأستاذ الدكتور (خالد حامد حسن / كلية الزراعة جامعة ديالى) عن الأهداف والدوافع لعقد مثل هذه الندوات، قائلا: البحث العلمي هو المحرك الأساس للحضارة الإنسانية والتطور بالعالم كله، بينما نجد فعالية البحث العلمي في العراق محدودة بالرغم من وجود الجامعات والمراكز البحثية وعدد كبير من البحوث وبراءات اختراع المسجلة لكن لا نجد جانباً تطبيقياً لها ولا نرى انعكاسها على مفردات الحياة المختلفة، لذا تسعى هذه الندوة الى وضع آلية ومقترحات لكيفية ربط الجامعات ومراكز البحوث مع المجتمع لغرض تطوير الإنتاج وحل المشاكل التي تعترض كل مفاصل المجتمع واللحاق بركب الأمم والشعوب المتقدمة، ودول العالم المتقدمة تتضارب فيما بينها حول اقتصاد المعرفة وكيفية استثمار العقل البشري بينما في مجتمعنا البحث العلمي لا يستخدم بالآلية للفائدة بالمجتمع وإنما يستخدم لأغراض أخرى، مثلا بالجامعات من متطلبات الترقية العلمية بغض النظر عن فائدة المجتمع او حاجة المجتمع من بحثه بينما يصرف عليه من جهد والمبالغ، الذي نتمناه من هذه الندوة ان تخرج بتوصيات ومقررات يستفاد منها أصحاب القرار بتشريع قوانين تشجع على البحث العلمي وتجعله جزء فعالاً في المجتمع.
في الوقت ذاته فقد حدثتنا الدكتورة (منتهى عذاب ذويب / مساعد رئيس الجامعة للشؤون العلمية) عن السؤال الذي طرح، هل تجدون أن تشكيل هيئة للبحث العلمي تساعد في التطوير والمشاركة. فأجابتنا: ان تشكيل هيئات للأبحاث العلمية هي حاجة ملحة جدا للارتقاء في مجال البحث العلمي ويجب أن تكون تلك الهيئات رصينة تضم ذوي الخبرة والعقول العراقية، وتأخذ على عاتقها وضع الحلول لمشاكل ومعوقات البحث العلمي، وهناك هيئة البحث العلمي في وزارتنا لكنها بحاجة إلى العمل الجاد للتعريف بها وبأدواتها وأساليبها، فكثير من الأساتذة لا يعرفون وجود هذه الهيئة وكيفية التواصل معها فتستطيع هذه الهيئة النهوض بواقع البحث العلمي. أما في أوربا أسست كثير من دولها في القرن العشرين هيئات أبحاث علمية ارتقت بها، لأنها خصصت لها نسب كثيرة من ميزانيتها.
من ناحية أخرى فقد حدثنا الدكتور (خالد حامد حسن) الرغبة في استجابة البعض من المؤسسات العلمية من خلال مراكزها البحثية في أهمية البحث العلمي؟ فقد أجابنا: قد لمسنا برغبة واسعة في تغيير الآلية وتشريع قوانين تشرك بها القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي واستثمار البحث العلمي، وليس المطلوب منا أن نرمي الموضوع في ساحة الجامعة أو في ساحة المراكز البحثية وإنما المطلوب على مجلس النواب أن ينظرون بعين من الأهمية إلى البحث العلمي وإعطائهم أهمية لهذا الموضوع في تشريعاته وضمان التمويل للبحث العلمي لضمان فعالية البحث العلمي وانعكاسه على المجتمع. فإذا أردنا المقارنة في مستوى الإنفاق والتمويل للبحث العلمي في بلدان العالم نجد ان الكيان الصهيوني بالمرتبة الأولى في دعم البحث العلمي حيث وصل في حدود تقريبا 5.6% من الإنفاق الكلي من الميزانية العامة، بينما مجموع البلدان العربية التي لا تشجع البحث العلمي نجد انه 00.2% وهذه النسبة بعيد جدا عن المستويات العالمية، إضافة إلى فقرة مهمة هو تنوع التمويل ليس فقط الدولة أن توفر التمويل البحوث، بل لابد من الشركات والقطاع الخاص أيضا تمويل البحث العلمي وهذا لابد أن يطبق على ارض الواقع.
أما بخصوص المعوقات والمشاكل التي تواجه مراكز الأبحاث العلمية في العراق فكان رأي الدكتورة منتهى عذاب ذويب، قائلة: أن معوقات البحث العلمي كثيرة في مقدمتها :-
1. عدم تخصيص الإمكانيات المادية فلا يمكن النهوض بواقع البحث العلمي بدون تلك الإمكانيات.
2. افتقار الأستاذ الجامعي إلى ابسط الوسائل التي يمكن ان تدفعه إلى البحث العلمي من وسائل حديثة متطورة، ومصادر حديثة في مجال اختصاصه، وعدم تقديم الدعم المادي الكافي له للمشاركة في المؤتمرات العلمية العالمية.
بينما كان رأي الدكتور خالد حامد حسن حول المعوقات التي تواجه البحث العلمي، فأجابنا: لا يمكن حصر هذه المعوقات ولكن لابد من ذكر الأهم وهي كآلاتي:-
1. ضعف العلاقة بين الجامعات والمجتمع، ورغم أن العنوان الرئيس التي تنتمي المراكز البحثية إلى الجامعات هي مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي إلا أن الجامعات تقوم فقط بعملية التعليم، أما البحث العلمي فهو هامش بسيط، التدريسي يعمله لأغراض الترقية، بينما من المفروض أن نجد علاقة فاعلة بين الجامعة والمجتمع من ناحية الاستشارة من ناحية نتاج البحوث واستغلالها بالمجتمع فنجدها مفقودة عندنا.
2. تسويق البحوث العلمية يصرف على البحث من الناحية المادية والمعنوية وبعدها نتائج البحث لا تستثمر في ميادين المجتمع ولا تترجم بفاعلية للمجتمع.
3. نمط إعداد الباحث، أي الباحثين الذين يتخرجوا والذين نعدهم لنتاج أفضل هم ليسوا بالمستوى نتيجة للظروف الحالية، فالمفروض على الباحث أن يمتلك رؤية فلسفية إضافة إلى تقيده بمنهجية البحث العلمي، فمن أجل تطوير الباحث لابد أن تتوافر أمامه سبل الدعم المادي، كذلك القضايا الأمنية فمثلا بعض المواد الكيميائية لا يسمح لها بالدخول إلى البلد أو بعض الأجهزة المختبرية لا يمكن إدخالها وكل هذا يعيق عمل الباحث في انجاز بحثه، فمن المفروض ربط الباحث بالجامعات الأجنبية وحضوره للمؤتمرات والندوات العالمية تواصله بمراكز البحوث العالمية حتى يكون تواصل بين الباحث العراقي والباحث في بلدان الدول المتقدمة ليأتي على انعكاس على مستوى الباحثين بالعراق.
وبسبب الظروف التي يمر بها بلدنا العزيز فلا نريد أن نقف مكتوفي الأيدي ولكن نريد أن نلحق بركب الحملات العالمية والنهوض بمستوى أفضل ونرقى بحياة مجتمعنا بما يحفظ كرامته ومكانته بين الأمم والشعوب فالعلم هو معرفة رصينة وهو وعي للأشياء، بل ينبغي أن تذلل كل الصعاب والظروف خدمة للبحث العلمي.