الانعكاسات الاجتماعية لظاهرة الإسراف..في الاستهلاك على الأسرة

م. أفنان محمد شعبان

يسود عالم اليوم بكافة دوله؛ متقدمة كانت أم نامية ظاهرة حمّى الاستهلاك أو النهم الاستهلاكي؛ حيث صار الإنسان المعاصر مجرَّد أداة استهلاكية لاهمَّ له إلاّ أن يقتل نفسه جهدًا ليزيد دخله، ويحصل على ما يشتري من أدوات استهلاك مادية غير ضرورية، تفرضها على تفكيره وسائل الإعلام وفنون الإعلان، بزعم أنها مقاييس للمكانة الاجتماعية، ومصادر للهناء الفردي. وقد أدى ذلك إلى تداعي القيم الخُلقية، وانتشار القلق، وتزايد الغنى، وارتفاع معدلات الانتحار، فضلاً عن شيوع أسلوب البذخ وأمراض التخمة والسِّمنة، وكل هذا يُعدُّ تبديدًا للثروة وضياع الفائض.

إن الإنسان إذا أكثر من الطعام لم يستطع له هضمًا؛ حيث يصاب بالتخمة وعُسر الهضم، وقد يحدث أن تصاب المعدة، فيفقد المرء شهيته للأكل، وإن تناول طعامًا، لم يستطع له هضمًا، فقد يصاب نتيجة لذلك بالإسهال أو الإمساك، كما أن الإسراف في الطعام يؤدي إلى البدانة، ومن ثَمَّ يتعرض البدين لأمراض القلب والسكر، وأمراض الكُلَى وارتفاع الضغط.إن العادات السيئة والمفاهيم الاجتماعية الخاطئة قد تسيطر على بعض الأفراد، بحيث تصبح هذه العادات قِيَمًا اجتماعية تتمثل في هوى النفس وحب الظهور والتقليد الأعمى.
ومن هذه العادات المنافية للآداب الإسلامية عادة المبالغة في الأكل إلى حد التخمة والشَّرَه والبطنة، بحيث يتناول المرء الطعام عدة مرات إلى حد الامتلاء والشبع، وهنا نسلِّط بعض الظلال الاجتماعية والبيئية، والإعلامية والاقتصادية، والطبية والصُّحفية، وبلا شك الشرعية على ظاهرة التخمة وسلوكياتها.يلاحظ اليوم أن الدنيا أصبحت عند كثير من الناس أكبر همِّهم، ومبلغ علمهم، فأصبح الطعام لهم هدفًا لا وسيلة، فتراهم يبحثون في الأسواق عن أنواع الطعام، ويسرفون في قضاء أوقاتهم في المحلات التجارية والأسواق، يشترون ما استجدّت صناعته، واختلف نوعه ولونه، وساعد على ذلك التطور الكبير في صناعات الأغذية، فترى أصناف الأجبان وكذا اللحوم والحلويات والمعلبات، وما فتح الله به على الناس في هذا الزمان ما لم يشهده عصر سابق.وكان الأجدر والأولى بهم أن يرعوا هذه النعم، ويحافظوا عليها ويؤدُّوا حق شكرها، ويستهلكوها على الوجه المفيد النافع، دون مبالغة أو إسراف أو شراهة تؤدي بهم إلى التخمة، ومن ثَمَّ السِّمنة والبدانة.
إذًا: ماهي أبرز الآثار الاجتماعية لظاهرة تخمة الاستهلاك؟! إن من أبرز أوجه السلبيات التي تتعرض لها الأمم والحضارات، وتكون معول هدم لكل ما بُني وأنتج هو استشراء داء الاستهلاك في نفوس الأفراد، فالاستهلاك الترفي ينمِّي في الإنسان الترهُّل ويبعده عن القيم، وقد قال – سبحانه -: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}.

Comments are disabled.