سايكولوجية الرأي العام وصناعته
د.سالم محمد عبود
ان الدولة وتشكيلاتها لا تعيش في فراغ وإنما تتفاعل مع متطلبات المجتمع الذي يتشكل من مختلف الإفراد الذين لديهم حاجات أساسية لابد من توفيرها، من هنا أصبحت معرفة رأي المجتمع وأفراده حاجاتهم ورغباتهم ومشاركاتهم في صناعة القرار والتخطيط لأهداف والمؤسسات وسبل تنفيذها.
ويعد رأي العام مصطلح عرفه الباحثون في علم الاجتماع السياسة والنفس الاجتماعي بأنه ظاهرة اجتماعية وسياسية يتكون داخل المجتمع ويؤثر ويتأثر بالنظام السياسي الذي ليسود المجتمع، أو بأنه ظاهرة اجتماعية يتسبب فيها الاتجاه أو الاتجاهات لدى الفرد أو الجماعات أو بأنه الرأي السائد بين اغلب الشعب الداعية لموضوع او اكثر يمس مصالح هذه الأغلبية ما المباشر، لذا تشكل عملية صناعة الرأي العام من المصادر الاساسية في تشكيل القوه التي تحرك المواضيع باتجاه مصلحه المجتمع، وهناك عوامل عديدة تؤثر في تكوين الرأي العام وتساعد على تعبئة وخلقه وتتأثر به أيضا ومنها مثلا البيئة الاجتماعية التي تحيط بالفرد وذلك في ضوء حقيقة الرأي العام المتشكل بفعل التقاليد والأعراف أو النظم السياسية أو الثقافة العامة او الانتماء.
وتلعب وسائل الإعلام المختلفة في تشكيل الرأي العام وخصوصا في طريقة صياغة ووصف الإحداث او تقنيات عرضها من خلال توجيه اراء الجمهور او المجموعة، وبغض النظر عن التقسيمات الادبية لمستويات الجمهور ودرجه وسرعة وقوة تكوين الرأي العام، فان عملية تحليل طبيعة المجتمع ودراسة سايكلوجية ومعرفة خلفية الانتماء وخصائص النفسية في الصفات الشخصية والميل والاتجاه وكذلك الخصائص الديموغرافية والاجتماعية كلها سوف تساعد في عملية صياغة مؤثرات صناعة الرأي العام، كما ان هناك طرق متعددة في قياس الرأي العام مثل طريقة الاستفتاء أو طريقة المسح أو طريقة تحليل المضمون فضلا الطرق الأخرى التفصيلية التي يمكن من خلالها معرفة الرأي العام بشكل مباشر وغير مباشر وكثير من الدول أو المنضمات تسعى إلى معرفة الرأي العام في الأزمات او بالأحداث ذات التأثير على الإنسان والمجتمع والمسار التنموي، حيث تشكل كل الحالات المتأزمة سواء المفاضة منها أو المتراكمة رد فعل يستوجب معرفة فيه الرأي العام كي يتم صياغة الحلول المناسبة عندما لا تكون المدخلات واضحة المعالم.
من هذه المقدمة الطويلة نسبيا هل ان جهود المستهلكين لديهم رأي عام، وما هي العوامل التي تؤثر في سلوك المستهلك، وكيف يستطيع ان يحقق رغباته وحقوقه وما يرنو إليه من احتياجات لإشباعها وفق مواصفات قياسية تحقق المتطلبات؟
ومن المعلوم ان السوق العراقي اخذ بالانفتاح في ظل ضعف الرقابة ودخول إشكال من السلع والخدمات التي لا يوجد لها مصدر أو لا تحوي على أي مواصفة واغرق السوق بما هو مفيد أو مضر أو مالا يعلم حجم ضرره، وهذا أصبح بشكل عبئ سواء على الاقتصاد الوطني أو لا يحقق متطلبات المستهلك، وأمام ما يتعرض له المستهلك من غش وتدليس وطمس لحقوقه وما تتعرض صحته من مشاكل متعددة بسبب عدم صحة الاغذية والسلع وما تسبب من اثأر اقتصادية وصحية وبيئية لم نجد من يحمي المستهلك لأمن مؤسسات الدولة ولأمن منظمات مجتمع مدني والأسباب متفرقة قد تكون بعض منها بسبب الاوضاع الأمنية وضعف القطاع الصناعي وكذلك السيطرة والرقابة والفحص. هنا تبرز أهمية الرأي العام في الضغط على المؤسسات والشركات والتجارة والمستوردين في تقويم أدائهم ومراعاة حقوق المستهلك ومتطلبات الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذه دعوة لتطوير العمل المؤسسي في صناعة الرأي العام كقوة مؤثرة في تصحيح المسارات والعودة نحو الأداء الأفضل لكل المؤسسات والافراد بما يعزز الاقتصاد الوطني ويحافظ على صحة وسلامه المستهلك.