ثقافة الاستهلاك … بين ضرورة الحماية والوعي
أ.د. بيداء ستار لفتة
رئيس قسم البحوث والدراسات
تعد ثقافة الاستهلاك من المواضيع الحيوية التي باتت اليوم عنواناً كبيراً تستهوي كثيراً من الباحثين والإعلاميين، لكونها تلعب دوراً مهما في رقي وتطور المجتمعات، فالمستهلك الذي يمتلك ثقافة استهلاكية واعية تنعكس بشكل ايجابي على حياته الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
وانطلاقا من أهمية الاستهلاك باعتباره ظاهرة اقتصادية وبيئية تهتم كل الأفراد بشكل عام جاءت هذه المقالة لتناقش هذا الموضوع وتبين مفهوم هذه الثقافة ثم توضح العوامل المؤثرة في تشكيلها وتعرض بعد ذلك حجم الإنفاق الاستهلاكي للفرد العراقي وأخيراً كيفية قياس ثقافة المستهلك.
يتساءل الكثير عن ممارسة الاستهلاك فيقولون هل هو ممارسة معاصرة في المجتمع ؟ ام ممارسة قديمة لها جذورها التاريخية؟ وللإجابة على هذا التساؤل نقول؛ تعود ولادة الثقافة الاستهلاكية بالدرجة الأولى الى بروز المجتمعات الصناعية الحديثة ومجتمعات ما بعد الصناعية المعاصرة، التي حاولت تشويه او تدمير القيم الثقافية الموروثة في المجتمعات القديمة وإبدالها بثقافة استهلاكية تزيف وعي الأفراد وتفقدها القدرة على التفكير السليم من خلال إبدال مصطلح الثقافة الإنسانية التي تصلح لكل زمان ومكان بمقولات تركز على ثقافة لكل يوم أو لكل جيل ثقافته، إذا كان مفهوم الثقافة الاستهلاكي فما هي العوامل المؤثرة في تشكيل هذه الثقافة؟ يمكن تصنيف هذه العوامل الى نوعين هما:-
أ. العوامل الخارجية:- وتشمل (العولمة، وسائل الإعلام، العوامل الاجتماعية، العوامل الثقافية).
ب. العوامل الداخلي:- وتشمل (الدخل، الأسرة، المعتقدات الدينية والشخصية).
إذن ماهو حجم الإنفاق الاستهلاكي للفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي؟ فالإجابة على هذا التساؤل نقول:- انه نسبة ما يشكله حجم الإنفاق الاستهلاكي هي (63 %) من الناتج المحلي الإجمالي حسب التقارير الإحصائية المتداولة في هذا المجال وهذه النسبة تحتاج الى وقفة وإعادة نظر فيما ننفقه ومجالات الإنفاق، إذ ان الإسراف والإنفاق غير الرشيد تعد ظواهر اقتصادي سلبية مرتبطة بثقافة الاستهلاك والذي يبدو إنها غائبة من أبجديات حياتنا يقودنا ما تم طرحة سابقا الى إثارة التساؤل الآتي:-
– كيف تقاس ثقافة المستهلك؟ نقول ان ثقافة المستهلك تقاس بمدى وعيه لشراء ما يلزمه من السلع الخدمات المعروضة وعدم وقوعه ضحية الإغراءات الكثيرة التي تروج لها المحلات والمؤسسات التجارية، فضلا عن حرصه على ترشيد استهلاكه للخدمات المقدمة بما لايتجاوز حاجاته الى حد الترف والإسراف فانه صاحب القرار الأول والأخير في كل عملية شرائية.
ان ممارسة الاستهلاك الايجابي ضرورة ان يقوم على ترشيد الاستهلاك وعدم شراء كماليات غير مرغوب فيها والاكتفاء بالأساسات إذ ان متطلبات الحياة تتراوح بين أمور أولية جذرية وأخرى ثانوية يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها.