الامراض والعلاج في الحكمة الالهية
م.د.علياء سعدون عبد الرزاق
المرض يكون على نوعين: مرض القلوب ومرض الابدان وكلاهما مذكوران في القرآن الكريم أن هذا ما ذكره ابن قيم الجوزية في كتابه الطب النبوي. وكما أشار فيه أيضاً الى أن: هذا التقسيم فيه من الحكمة الالهية والاعجاز القرآني والعلمي الشيء الكثير, والذي لم يتوصل اليه الاطباء إلا حديثاً وبصورة خاصة في منتصف القرن الثامن عشر, حيث قسمت الامراض بصورة عامة الى قسمين وهما :-
أ- الامراض العضوية وهي:- الامراض التي تنتج من عدم اداء أي جزء من اجزاء الجسم وظيفته بصورة كاملة أو توقفه عن العمل بالكامل. أو تنتج من دخول ميكروبات مختلفة الانواع الى الجسم وتصيب أي عضو فيه بالتلف وينتج عن ذلك أعراض المرض. وكل مرض عضوي له أعراض وتاريخ ومواصفات ومضاعفات خاصة به, بحيث يمكن التمييز فيما بين الامراض العضوية هذه, وتشخيص كل منها وهذا هو المقصود بمرض الابدان وكما ذكره الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن أمثلة هذه الامراض هي: الشلل, والحميات, والدرن, والصفراء …الخ.
ب- الامراض النفسية وهي في الحقيقة أعراض أمراض متنوعة وكثيرة جداً يشعر بها المريض ويتم الكشف عنها بواسطة الطبيب مع الاستعانة بجميع البحوث اللازمة لذلك مثل: الاشعة والتحاليل المختلفة…الخ. حيث يوجد المريض في حالة طبيعية أي عدم وجود مرض عضوي بالجسم وهذه الاعراض تنتج عن مؤثرات خارجية في الحياة العامة مثل: الخوف, والشك, والغرام, وكثرة الاجهاد…الخ. وهذا هو مرض القلوب كما ذكره الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وحكمة تقسيمه الى امراض شبهة وشك ومرض شهوة وغي ففيه كل الحكمة حسب النظريات الحديثة في علم النفس.
فأما علاج مرض القلوب فيكون بصلاح القلوب من معرفتها بخالقها ومرضاته وتجنبها لمناهيه من صوم وصدقة وصلاة وزكاة وحج. وأما علاج مرض الابدان (قواعد طب الابدان) فثلاثة: حفظ الصحة والحمية عن المؤذي واستفراغ المواد الفاسدة إقتداءاً بهديه “صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم” بالمأكل والملبس والمشرب.
والطبيب الجيد هو الذي يستطيع التمييز بين ما يضر بصحة الانسان من ناحية وما يجلب الصحة المفقودة للمريض من ناحية أخرى. أو يحفظها بالشكل المطلوب ويدفع العلة الموجودة بالضد والنقيض, أو يدفعها بما يمنع من حصولها بالحمية. وقد أتفق الاطباء بالآونة الأخيرة على أنه متى ما أمكن التداوي بالغذاء فيمكن الاستغناء عن الدواء بشكله البسيط أو المركب أو كلاهما معاً, حيث قالوا: كل داء قدر على دفعه بالأغذية والحمية لم يحاول دفعه بالأدوية ولا ينبغي للطبيب أن يولع أو يتمسك بإعطاء الادوية حيث انها تتراكم في الجسم اذا ما زادت عن كميتها المطلوبة وتضر بالصحة وتؤدي الى الهلاك. فيجب قدر الامكان العلاج بالأغذية المناسبة, علماً بأن الادوية من جنس الاغذية ولكل شعب من الشعوب أغذيته الخاصة به. فالأمة التي اغذيتها مفردة امراضها قليلة جداً وطبها يكون بالأدوية المفردة مثل أهل البوادي والصحاري. أما أهل المدن الذين غلبت عليهم الاغذية المركبة فيحتاجون الى الادوية المركبة, حيث يعود سبب ذلك الى أن أمراضهم في الغالب مركبة. وهذا برهان على الصناعة الطبية وهذا ما نجده في وصفات الاطباء الجيدين الذين برعوا في مجال الطب في عصرنا الحديث.