دور منظمات المجتمع المدني في رفع الوعي الأستهلاكي

 وترشيد السلوك الأنفاقي 


تبنى البنك الدولي تعريفاً للمجتمع المدني أعده عدد من المراكز البحثية الرائدة: “يشير مصطلح المجتمع المدني إلى المجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي لها وجودٌ في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيرية. ومن ثم يشير مصطلح منظمات المجتمع المدني إلى مجموعة عريضة من المنظمات، تضم: الجماعات المجتمعية المحلية، والمنظمات غير الحكومية ، والنقابات العمالية، وجماعات السكان الأصليين، والمنظمات الخيرية، والمنظمات الدينية، والنقابات المهنية، ومؤسسات العمل الخيري”. 
في المجتمعات المتقدمة لمنظمات المجتمع المدني دور مهم وفعال ومؤثر،فهي منظمات غير حكومية ولكنها تؤدي دور البديل أو المكمل للمؤسسات الحكومية واحيانا تقوم بالدور الرقابي على الحكومة لتنفيذ برنامج معين أو تعمل دور الوسيط بينالحكومةوالشعب وتلعب دور كبير في المحافل الدولية،كما أصبحت منظمات المجتمع المدني أيضاً جهات مهمة لتقديم الخدمات الاجتماعية وتنفيذ برامج التنمية الأخرى كمكمّل للعمل الحكومي، لا سيما في المناطق التي يضعف فيها التواجد الحكومي كما في أوضاع ما بعد انتهاء الصراعات. ولعل أحدث وأبرز مثال على مشاركة منظمات المجتمع المدني في إغاثة ما بعد الكوارث جاءنا من آسيا أثناء عملية الإعمار فيما بعد تسونامي بعد عام 2006.
مهام منظمات المجتمع المدني:
 أولاً: –  الدور الرقابي لمؤسسات المجتمع المدني للدولة : 
يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تلعب دوراً مهماً في الرقابة على أجهزة الدولة وأداء وزاراتها الخدمية في الشؤون الإجتماعية والصحية وفي السياسات العامة للدولة وكذلك في مجال معالجة الفقر وتحسين الأوضاع الإقتصادية والقضاء على البطالة والإهتمام بحقوق الإنسان.
ثانياً –  الدور الإصلاحي لمنظمات المجتمع المدني.
يمكن لمنظمات المجتمع المدني القيام بمهمات توجيه النقد ومحاولة الإصلاح من خلال مؤسساتها المتعددة والمنتشرة في المناطق السكنية وفي المحافظات وخاصة فيما يتعلقبالإخفاقات في مجال العمل التنفيذي والتخطيطي للوزارات ومواقع العمل الحكومي وبشكل بناء يساعد الدولة في تخطي العقبات من أجل التطوير.
ثالثاً –  الحفاظ على الروح الديمقراطية لنظام الحكم
من مهمات منظمات المجتمع المدني المساعدة على إنتهاج السياسات الديمقراطية وتلبية المطالب الشعبية والعمل في صفوف المواطنين لإستقطاب الكفاءات والعناصر النشيطة التي يمكن لها أن تقدم خطط وبرامج تعين الدولة وتساعدها في مجال أعمالها التخطيطية والتنفيذية.
رابعاً: –  مجال التنمية الثقافية والصحية
كما يمكن أن تساهم منظمات المجتمع المدني في مجالات التنمية الثقافية المختلفة عن طريق إنشاء المكتبات ودور النشر، كما أن التنمية الصحية يمكن أن تلعب دوراً  مهماً في تقديم الخدمات كبناء المستشفيات والدوائر الصحية وكل ذلك سيسهم حتماً في تحسين الأوضاع الإجتماعية والثقافية والصحية والإقتصادية.
خامساً: –  الإهتمام بالأندية الإجتماعية الثقافية والرياضية والفنية.
ومثل هذه النشاطات يمكن أن ترفع من مستوى الصداقات والتعاون والإنفتاح وإقامة مشاريع مشتركة كبيرة كانت أو صغيرة في مختلف المجالات الإجتماعية والثقافية والرياضية والفنية بإقامة المعارض والمسابقات وحفلات الزواج وغيرها من النشاطات المتعلقة بهذه الأوجه.
سادساً: –  السياحة والسفر وزيارة المتاحف والآثار.
وتعمل هذه على إقامة العلاقات الطيبة بين الناس والتعارف فيما بينهم وقد يؤدي الى الإندماج الإجتماعي أحياناً بالزواج وإقامة الصداقات ويخلق جواً من التفاهم والتعاون والتقارب وتبادل الخبرات والمعلومات في سائر الأنشطة الإنسانية كما يعزز الأوضاع الإقتصادية للبلدان.
فأنشطة المجتمع المدني أنشطة طوعية تختلف من هذه الناحية اختلافا جوهريا عن أنشطة الحكومات، كما إنها تختلف عن الأنشطة الاقتصادية والمالية المتعلقة بأخلاقيات السوق لأنها تبحث وراء الخير والصالح العام وليس وراء الربح المادي، ولذا فكثيرا ما يشار إلى المجتمع المدني بأنه (القطاع الثالث).

أما في العراق فأن تاريخ تاسيس منظمات المجتمع المدني حديثا اي مابعد 2003م فقد كان الوضع يساعد على انشاء مثل هذه المنظمات وكان المجتمع متعطش لنشوء منظمات لا مركزية فامتازت بسرعة التكوين والتشكيل وبلغت اعدادها حسب بيانات مكتب التسجيل في وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني الى 5683 منظمة أي ولكنها تميزت بتفاوت دورها من منظمة لأخرىفمنها من تميزت بضعف حيوتها التي تؤهلها للحركة والفعالية والتأثير في شرائح المجتمع المختلفة أو عدم القدرة على التنسيق مع منظمات المجتمع المدني الأخرى من أجل تحقيق أهدافها المجتمعية ومنها ما اثبت جدارة وتحدي لمختلف ظروف الحياة ومنها ما نجدها احيانا تمثل جهة معينة أو غير حيادية وممولة من جهات مشبوهة.
يعزى ضعف اداء هذه المنظمات لعدد من الأسباب منها: 
*معظم العاملين في المنظمات متطوعين او متعاونين وليس متفرغين كليا للعمل .
*ضعف وعي بعض القائمين على ادارة منظمات حماية المستهلك باهمية الجودة .
*ان الخدمات المقدمة من بعض المنظمات لا تستطيع تغطية جميع احتياجات الناس وانها مقصورة على احياء او مناطق محددة لعدم توفر الأمكانات البشرية والمادية .
أما بالنسسبة الى جمعيات حماية المستهلك فهي قليلة جدا والتي لا تتجاوز 12%من مجموع منظمات المجتمع المدني وهي 6 جمعيات او منظمات ،موزعة بالشكل التالي: 3منظمات في كردستان و3 منظمات في بقية المحافظات ،لذا نجد ليس هناك نسبة بين حاجة السوق والمستهلك وبين عدد هذه الجمعيات وفعالية دورها .
لقد عرفت حركة حماية المستهلك من الحركات التي تشكل مضمون السياسة الداخلية وهو مبدأ ليس بجديد على اي نظام اقتصادي بالعالم ويفترض وجوده في جميع بلاد العالم بدون استثناء متمثلا بالقوانين الصحية لحماية الأغذية والعقاقير والقوانين المقياسية والكيفية لعدد من السلع والحماية مطلوبة مهما اختلف النظام الأقتصادي ،فهي احيانانوع من التنظيم الحكومي أوالأهلي العامل على حماية مصالح المستهلكين، فمثلاً قد تطلب الحكومة من قطاع الأعمال أن يكشف معلومات مفصلة عن المنتجات، وخصوصاً تلك المتعلقة بقضايا السلامة، أو الصحة العامة، كمنتجات الغذاء. أو هي خدمة توفرها الحكومة أو المجتمع المدني بجمعياته المختلفة ذات الاختصاص لحماية المستهلك من الغش التجاري أو استغلاله بصورة غير مشروعة أو سوء تقديم خدمة ما عن طريق الاحتكار أو الإذعان لظرف ما.
وترتبط حماية المستهلك بفكرة حقوق المستهلك (أي أن المستهلكين يملكون حقوقاً متعددة باعتبارهم مستهلكين). كما ترتبط بتشكيل منظمات المستهلكين التي تساعد المستهلك على اتخاذ الخيارات الأفضل في الأسواق.
ويمكن حماية مصالح المستهلك عبر تشجيع التنافس في الأسواق والذي يخدم المستهلك مباشرة وغير مباشرة، ويتفق مع الفعالية الاقتصادية الجيدة ولكن هذا العنوان يدرس تحت قانون التنافسية ويمكن توفير حماية المستهلك عبر منظمات غير حكومية مثلاً: المستهلكون الدوليون، وعبر أفراد من نشطاء حماية المستهلك مثلاً :مدونة حماية المستهلك 
قانون حماية المستهلك
قانون حماية المستهلك أو قانون المستهلك يعد تابعاً للقانون العام الذي ينظم العلاقات القانونية الخاصة بين الفرد المستهلك وبين قطاع الأعمال الذي يبيع البضائع ويقدم الخدمات. وتغطي حماية المستهلك مجالاً واسعاً من المواضيع، مقاضاة المنتجات، حقوق الخصوصية، ممارسات تجارية غيرعادلة، الاحتيال، سوء تعريف للمنتجات. وغير ذلك من تداخلات المستهلك/التاجر.
ويتعامل مع العلاقات المالية وخدمة سلامة المنتجات والعقود وتنظيم سداد الفواتير والتسعير ورد البضائع وغيرها. وقد تفرض قوانين حماية المستهلك وضع ملاحظات للمستهلك كالتنبيهات التي تعلن في كل أماكن تصليح السيارات في كاليفورنيا، وتتنوع القوانين الخاصة بالمستهلك فمنها قانون ممارسات سداد الديون العادلة ففي معظم البلدان توجد مديرية شؤون المستهلك وتعمل على تنظيم بعض الصناعات وحماية المستهلكين المستخدمين لخدماتها. مثل مديرية شؤون المستهلك وفي الاتحاد الأوربي فقد أصدر العديد من القوانين التوجيهية التي تطلب من الدول الأعضاء تنظيم حماية المستهلك إلى مستوى معين.وأهمها القانون التوجيهي للممارسات التجارية الغير عادلة والقوانين التوجيهية للشروط العقدية غير العادلةوللتجارة الإلكترونية ويوجد المفوض الأوربي لحماية المستهلك أما في ألمانيا فقد اعتمدت قوانين حماية مأخوذة وفقاً للقوانين التوجيهية للاتحاد الأوربي وقد ضم بعضها إلى مدونة القانون المدني الألماني.
وفي التاريخ الإسلامي عرف مبدأ حماية المستهلك عن طريق تحريم الغش ومتابعته في الأسواق (من غش فليس منا) كما حرمت الجارات والعقود التي قد تؤدي للممارسات غير عادلة (لا يبع بعضكم على بيع بعض) والعقود غير الواضحة النتائج (كبيع الثمر على الشجر قبل أن يبدو صلاحه) واعتمدت مبادئ منها إزالة الجهالة المفضية للتنازع من شروط العقد أو صفة البضاعة، كما عرفت حماية المستهلك على النطاق العملي الرسمي والشعبي بالحسبة، ووفق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما الدول العربية المعاصرة فقد بدأت من قريب باعتماد الهيئات الحكومية والمنظمات الأهلية لحماية المستهلك وتتواجد في معظم البلاد العربية كدول الخليج ومصر وسورية والأردن ولبنان وغيرها. و قد نشأت في مصر بعض الأنشطة الأهلية التي ترتبط بحماية المستهلك ومواجهة الغلاء والاستغلال والجشع، ومن أشهرها منتدى المستهلك المصريويحرره المستهلكون بأنفسهم ويحاولون تنشيط حركة منظمة وموحدة للمستهلك المصري، بإحياء حركة تعاونية طبقا للمعايير العالمية وتعزيز الرقابة الشعبية على الأسواق، عن طريق شهادة جودة تمنحها منظمات وجمعيات حماية المستهلك للسلع والخدمات التي تلتزم بالجودة المناسبة والسعر العادل.
كما يمكن للحكومات إن تشرع قوانين خاصة ليعتمد عليها المستهلكين في تقييم البضائع المطروحة للاستهلاك ولتحقيق ذلك يجب أن تكون للسلع المعروضة مواصفات معلنة ومصرح بها من الجهات ذات العلاقة.
توجد مشكلة في بعض بلدان العالم الثالث تتصل بالضعف الإداري وانتشار الفساد مما يؤدي لخداع المستهلكين وتجهيزهم بسلع غير مطابقة للمواصفات أو ذات أسعار لا تتناسب مع سعرها العالمي بحجج مختلفة سببها في الحقيقة الفساد الإداري أو الفساد المالي
ونجد بعض البلدان التي تمتلك هامش من الحرية على أن تكون بعيدة عن المساس بالنظام السياسي والتأثير عليه، ممكن الحديث عن بعض الأزمات على أن تكون تلك الحرية في حدود متفق عليها مسبقاً ولايسمح بتجاوزها.
هناك بعض الدلائل التي تؤخذ كمؤشرات على تراجع المجتمع المدني في دول العالم، ويعزى هؤلاء الباحثون المتشككون حول مستقبل المجتمع المدني، تخوفهم إلى التغيرات التي طرأت على مواقف بعض الحكومات من الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،والىتراجع أنشطة القطاعات الطوعية عما كان عليه الحال وخفض تمويل الدولة للجمعيات الأهلية لممارسة أنشطتها المختلفة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية وغيرها كل ذلك يثير الخوف لدى بعض االحريصين، من تراجع دور المجتمع المدني.
الوعي الأستهلاكي وترشيد السلوك الأنفاقي
نلاحظ مما سبق دور منظمات المجتمع المدني في العراق خصوصا يرتبط بكل المؤثرات السياسية والأقتصادية وانعكاسه على الناحية الأجتماعية ، فيختلف دورها من منظمة لأخرى ومن بعد لأخر ولكن تتوحد جميعا بان الدور الأرشادي في هذه المنظمات شبه محدد ،وارتبط دور المنظمات بمفهوم المجتمع والأفراد على انه دور مانح لا مرشد  مما قلل الأهمية لهذه الناحية وخصوصا في ناحية الأستهلاك والترشيد والسلوك الأنفاقي واعتباره تدخل في ذوق المستهلك وخصوصياته،وهنا يبرز تناقض كبير بين من يمتلك المال والمادة وهؤلاء ليس من رواد منظمات المجتمع المدني ، وبين من هم بحاجة للمساعدة الحصول على اي منتج بغض النظرعن نوعيته وجودته ولكن هذا لا يعفي هذه المنظمات عن هذا الدور الحيويالذي يجب ان تلعبه، وقد نجد نجد بعض المنظمات تقوم بدور ارشادي توعوي في المجالات الصحيىة والأجتماعية والمعيشية وليس في السلوك انفاقي فهذه الناحية تدل على مدى رقي المجتمع واحترامه للقوانين الدولية والتزامه الأخلاقي اتجاه اخوه المواطن.


Comments are disabled.