الحلقات النقاشية … 

تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين

تعد الفطريات وسمومها واحدة من المشاكل المهمة عالمياً والمتعلقة بمجال تغذية الإنسان والحيوان كون هذه الأحياء لها القابلية على إنتاج مركبات غالباً ما تكون سامة وتدعى السموم الفطرية Mycotoxins   وهي عبارة عن منتجات أيضية ثانوية تنتجها الأعفان في الأغذية أو الأعلاف التي تنمو فيها ، لها أوزان جزيئية منخفضة نسبياً وتقاوم المعاملة الحرارية والتجفيف الذي يؤدي إلى موت الأعفان التي تنتجها.

 وقد تصل السموم الفطرية إلى المواد الغذائية دون الأعفان التي تنتجها كما في حالة وجودها في الحليب واللحوم والبيض التي لم تتلوث مسبقاً بالعفن . تنتج السموم الفطرية بوساطة مجموعات مختلفة من الأعفان ، وتوجد ثلاثة أجناس مهمة من الأعفان من ناحية إنتاجها للسموم الفطرية وهي أجناس : Aspergillus  و Penicillium  و Fusarium  . وعلى الرغم من الجانب الضار للفطريات كونها تسبب الأمراض للنباتات وتعفّن الأغذية وفسادها ، وضررها الأكبر غير الضاهر وهو إنتاجها للسموم ، إلا أن الفطريات تلعب دوراً مميزاً في الكثير من الصناعات الغذائية والعلاجية ، مثل إنتاج الألبان والخبز والمضادات الحيوية والفيتامينات والإنزيمات والكليسيرول والدهون وتخمير أعلاف الماشية وتحضير الأحماض العضوية غذاء من قبل الإنسان . يتأثر نمو الفطريات وبالتالي إنتاجها للسموم الفطرية على المنتجات الزراعية بمجموعة من العوامل الطبيعية ، فضلاً عن استعمالها والكيمياوية والبايولوجية منها سلالة الفطر ،المادة الغذائية وطبيعتها ،الرطوبة النسبية ،درجة الحرارة والوقت ،التهوية ، التلف ،النمو ودرجة النضج .

إن المخاطر المتسببة عن التسمم بالأفلاتوكسين تكون إما عن طريق التناول المباشر للغذاء الملوث بالسم أو من خلال استهلاك الأغذية كالحليب والبيض والكبد من الحيوانات التي كانت أعلافها ملوثة بالسم ، وهناك نوعان من حالات التعرض للأفلاتوكسين حسب الجرع المأخوذة منه الأول التعرض الحاد : وهو تناول كمية من السم في الغذاء أو العلف بجرعة واحدة كبيرة لفترة زمنية قصيرة بحيث يؤدي إلى الموت أحيانا , والثاني التعرض المزمن : وهو تناول السم بكميات قليلة ولفترة زمنية طويلة مما يؤدي إلى إحداث تغييرات نسيجية تؤدي إلى الإصابة بعدة أعراض وحالات مرضية منها الشعور بالوهن والكسل ، فقدان الشهية ، ضعف العضلات ،نزف في الكبد والكلى ، نخر وتشمع الكبد ، احتقان الكلى ، كثرة انقسام خلايا الصفراء, سرطان الكبد , نقص المناعة المكتسبة ، تصلب الشرايين ، تشمع الصفراء ، داء السكري ، تلف الدماغ ،عجز القلب ، متلازمة فرط النشاط ، ارتفاع ضغط الدم ، العقم، التهاب الأمعاء ، تصلب القرنية ، الزايمر . يتواجد الأفلاتوكسين في الحبوب مثل الذرة والحنطة والشعير والرز وفستق الحقل ، فضلاً عن وجوده في لحوم الدواجن والبيض وتعتمد سمّية هذه المواد في الطيور حسب طبيعة السم والجرعة والوقت اللازم لاستهلاكه وعمر الطائر وتركيب الغذاء، ويمكن تلخيص التأثيرات العامة للأفلاتوكسين على صحة الطيور بتأثيرات سرطانية في الكبد والكلية وخلل واضح في الهرمونات وتأثير السم المضاد للمضادات الحيوية وخفض مناعة الجسم وسهولة الإصابة بالأمراض والتأثير على إنتاج البيض حيث لوحظ أن تركيز 10ppb من أفلاتوكسين B1  يخفض إنتاج البيض إلى 50%، وإن تغذية حيوانات الماشية كالأبقار والأغنام والماعز على أعلاف ملوثة بالأفلاتوكسين ولفترات طويلة تؤدي إلى ظهور العديد من الأعراض والأمراض مشابهة تقريباً لما يحدث في الطيور والتي تؤثر سلباً على إنتاج الحليب وكذلك يصل هذا السم إلى الحليب والأنسجة العضلية للحيوان. ونظراً لأن مركبات الأفلاتوكسين من المركبات الثابتة جداً في أثناء عملية التصنيع، لذا لا يمكن تحطيمها بالطرائق البايوكيمياوية العادية، وبناءً على تجارب مختبرية تم التوصل إليها خلال من الممكن تقليل المخاطر المرافقة لتسمم الأغذية بالأفلاتوكسين عن طريق استخدام عمليات وإجراءات خاصة لإزالة التلوث بالسم من الأغذية. ويتبع مصنعوا الأغذية عمليات خاصة أثبتت فعاليتها وهي تعتمد على معرفة الثباتية الكيمياوية للأفلاتوكسين وطبيعة المعاملة التي تجري على الغذاء ونوع التفاعل ببينها وبين الغذاء الملوث بالأفلاتوكسين. ولتقليل فرص الإصابة بالسم الفطري علينا اختيار الحبوب السليمة غير المصابة كغذاء سواء للاستهلاك البشري أو الحيواني ويجب عدم تقديم الخبز التالف المصاب بالعفن بعد غسله بالماء كغذاء للمواشي والدواجن باعتبار أنه تم التخلص من العفن بغسله. ويجب أن يكون مكان تخزين الحبوب والأعلاف بعيداً عن مصادر التلوث مثل منظومة الصرف الصحي وحظائر الماشية والدواجن وضرورة تقليب الحبوب والأعلاف المخزونة بين الحين والآخر لتقليل فرصة نمو الأعفان في المناطق قليلة التهوية وعالية الرطوبة . وينصح باستخدام مضادات الأكسدة في الغذاء بصورة أكبر وذلك عن طريق تناول الفيتامينات والمعادن الموجودة في الفواكه والخضراوات الورقية وذلك للوقاية من خطر تراكم السموم الفطرية في الجسم.

Comments are disabled.