مينــاء مبـارك وتحديــات التنمية
د. سالم محمد عبود
إن لكل دولة سيادة يمكن لها أن تمارس حقها، ضمن حدودها وما اتفق عليه في القانون الدولي أو أقرته الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أو الاتفاقيات الثنائية ولكن يبقى موضوع استخدام الحق بتعسف أو إخفاء نوايا يراد بها دائما تحقيق أغراض ذات تأثيرات مركبة على حاضر ومستقبل الدول الجارة، يعني بداية أو استمرار لنزاعات أو لتعميق الشرخ بين الإخوة. وميناء (مبارك) جاء ضمن مراحل الضغط الكويتي على السوق الاقتصاد العراقي فضلا عن استمرار العدوان على العراق الجديد الذي يسعى لمصالحة الجميع والعيش بسلام و ميناء مبارك الكبير هو ميناء قيد الإنشاء يقع في شرق جزيرة بوبيان الواقعة شمال الكويت ويمر إنشاء الميناء بأربعة مراحل تنجز المرحل الأولى في عام 2015 بـ (4) أرصفة مع وجود مخطط هيكلي مستقبلي يصل إلى ستين رصيفا ليكون واحدا من أكبر الموانئ في الخليج العربي. ويرتبط الميناء مع البر الرئيسي في الصبية ومدينة الحرير بثلاثة جسور وطرق سريعة، ومن المقرر أن يرتبط مع سكة قطار الخليج التي تخدم الميناء وهناك أفكار وخطط لمد السكة إلى العراق وإيران وتركيا وبغض النظر عن وجهات النظر المختلفة في مدى أهمية وتأثير هذا الميناء على العراق وهل هو حق للكويت أم لابد من أجراء اتفاقيات ثنائية؟ نلاحظ أن التقويم العام للموقف من خلال الخرائط والمراحل والأهداف والتوقيت وخصوصا في ظل ظروف اقتصادية وأمنية يسعى العراق في حراك سياسي لخلق الاستقرار وبناء التنمية وتوظيف مواردها وخصوصا المنافذ البحرية أو الموانئ المطلة على الخليج العربي الذي يغير المنفذ الوحيد في الوقت الذي يواجه فيه العراق واقتصاده تحديات متوالية داخلية وخارجية.
لذا فان قيام هذا المشروع بهذا الشكل والوقت سوف يلقي حتما بظلاله على السوق العراقي وحركة التنمية فضلا عن انعكاسه المباشر على المستهلك وحقوقه وتلبية احتياجاته وإشباع رغباته ومن ثم إضعاف القدرات الإنتاجية وتطوير القطاعات من خلال الضغط على منظومة الاستيراد والتصدير والتبادل التجاري وجعل السوق العراقي سوقا قائما على الاستهلاك ومكشوفا ومسيطرا عليه من قبل دول أخرى ومن ثم إضعاف القرار السياسي والاقتصادي بما يقلل من فرص التنمية ويبقى المجتمع في دوامة المشاكل والتحديات مثل البطالة والإرهاب وغيرهما.
إن ميناء مبارك يمثل تحديا للأمن الوطني بكل منظوماته وعدم فتح المجال أمام بناء علاقات أخوية راسخة وإنما يجعل باب الخلاف والنزاعات بفتحه بالشكل الذي يصيب لصالح أطراف خارجية أخرى لذا فالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تستوجب أن يكون مثالا موفقا وموحدا للدولة والحكومة والخدمات ومنظمات المدني بما يعزز مكانة العراق وأن يعرف الآخرون أن الحال لا يدوم وأن للعراق موقعه الاستراتيجي في صناعة القرار وصياغة العلاقات في المنطقة لذا أصبح إجراء التدريب والدراسات وتوظيف الجهود الرسمي والإعلامي أمرا وطنيا يقف جميع العراقيين فيه صفا واحد من اجل مستقبل العراق وأجياله.