ميناء مبارك صراع أم ماذا ؟

د. سالم محمد عبود

تسعى كل الدول إلى استثمار مواردها وتوظيف مساحاتها الجغرافية في تحقيق أفضل وسائل التنمية مما يحقق الرفاهية للمجتمع وتستكمل من خلالها كل مقومات الأمن الوطني، وكذلك المحافظة على القواعد العامة للقانون الدولي واتفاقيات حسن الجوار والالتزام الأخلاقي لحفظ سيادتها وحقها الطبيعي في العيش بكرامة، ولكن بعض الدول أو التي أصبحت تحت هذا المسمى لا تجد لنفسها مكانا بذاتها ولكنها غالبا ما تكون أداة من أدوات الصراع.

وقد يفعل الكثير من الساسة وينسى حجمه وموقعه التاريخي والجغرافي عندما يتصرف خارج الضوابط والسياقات وحسن الجوار وخصوصا عندما تكون هذه الدول تربطها علاقة الاخوة والدم والتاريخ وغيرها.

وميناء مبارك يشكل الأداة التي لا يراد للمنطقة أن تستقر وكذلك وظف الصراع بين الأنظمة إلى صراع بين الشعوب وحتى لو افترضنا هناك حقوقا في دول الجوار في أنشاء ميناء أو فتح منفذ لتطوير اقتصادها فان مراعاة الاتفاقيات الدولية وما يتسبب من أضرار سيكون ضمن إعادة النظر في تعديل موقع هذا الميناء، لذا تشير التقارير أن موقع ميناء مبارك الحالي سوف يغلق أربعة موانئ عراقية بشكل نهائي وهي ميناء أم قصر الشمالي وأم قصر الجنوبي والغاز الجنوبي وميناء خور الزبير، فضلا عن ما يسببه من تقليل حركة الموانئ أو شلها، وما يترتب على ذلك من آثار اقتصادية وأمنية تنعكس على الاقتصاد الوطني ولكن عند التدقيق في تاريخ الإنشاء وما سبق له من مخططات سنجد أن هناك مؤشرات منذ عشرات السنين أن يتم إنشاء ميناء في هذه المنطقة ضمن سياسة تعطيل حركة النمو والاقتصاد في العراق، ولا يخفى على احد أن الآثار البيئية وما سينجم عنها من تلوث في المنطقة تجعل منطقة الخليج أكثر تأزما وتعرضا للمشاكل البيئة ومثلما تؤكد المؤشرات في عمومها التأثيرات الحالية فان المخاطر المستقبلية ستكون أكبر في ظل منع أو تقليل عملية التصدير من جنوب العراق وتحديدا البصرة.

ويحتج الكويتيون بان بناء ميناء مبارك جزء من سيادتهم وحق قد منح بموجب القرار الاممي (833) والخاص بالحدود البحرية والصادر عام 1993 من مجلس الأمن الدولي ولكن يلاحظ أن هذا الحق سابقة خطيرة لم تشهدها العلاقات دولية فهو كان المقصود منه إيقاع الضرر بالعراق بحجة الأمن والسلم العالمي، ولكن أين هما بعد 2003 ؟ عندما أصبح العراق بلدا يسعى للديمقراطية ويسعى للتنمية وبناء علاقات مع دول الجوار من منطلق الإخوة.

وليعلم من يسعى لهذا الميناء أو كل المشروع يراد به استهداف الأمن الوطني العراقي ومقوماتها والأمن الغذائي والمساس بالتراب العراقي ومياهه فسوف يجد أن العراق ليس لقمة سهلة وإذا تصور أن الوهن الذي نحن الآن فيه فانه مؤقت ولابد أن يعود هذا الأسد إلى عرينه ليتقدم على امة العرب ويقودها كما هو شانه دائما.


Comments are disabled.