ضــوء علــى ..
مسودة قانون البنى التحتية وصراع الارادات
د. سالم محمد عبود
ان التنمية في إي بلد لا تتحقق إلا من خلال التخطيط المتكامل وتفاعل القطاعات والمؤسسات المختلفة مع توظيف الموارد أو استغلالها بالشكل الأمثل وان هناك تجارب عديدة وأساليب في تحقيق النهضة الشاملة وتهيئة كل مستلزمات الاستثمار. وان تطوير البنى التحتية يمثل مرتكز أساسي لأي نهضة.
والعراق بعد 2003 قد تعرض لأحداث جسيمة دمرت من خلالها البنى التحتية وكذلك تشرذم مواردها وهذا مما عطل حركة التطور مع توقف كل القطاعات، والحكومة العراقية منذ عام 2009 تحاول ان ترسم خارطة طريقة لإنشاء البنى التحتية كان أخرها مسودة القانون الذي يعرض ألان للمناقشة في مجلس النواب حيث تشير الأسباب الموجبة لهذا القانون هو تنفيذ المشاريع الإستراتيجية وإعادة أعمار المنشات والبنى التحتية بطريقة الدفع بالآجل من اجل النهوض بالواقع الاقتصادي والنمو بالاقتصاد العراقي.
وتضمن مشروع القانون العديد من المواد التي تشير إلى موضوع العقود التي تبرمها الوزارات أو الجهات غير المرتبطة بوزارة مع شركات سواء كانت عراقية أو اجنبية لانجاز مشاريع وكان السقف المقترح هو (اربعون مليار دولار) مع تمتع المنفذ لكل الامتيازات والإعفاءات المنصوص عليها قانونا من ضريبة الدخل والرسوم الكمركية والقيود الخاصة بانجاز العمل مع ضرورة تقديم البيانات والمعلومات الخاصة، ولقد ركزت التعديلات أو المقترحات على ان تكون المشاريع الخدمية هي المستهدفة وان تقدم الوزارة مقترحاتها وتقوم اللجان الوزارية القطاعية دراسة الجدوى وتقديم التوصية لمجلس الوزراء في اتخاذ القرار، كما اقترح ان تصادق وزارة المالية على كافة الديون والضمانات المترتبة على الدولة نتيجة البرنامج وذلك استناداً لحكام المادة (6) من القسم الخاص بلقانون الادارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004، وقد عرض القرار لمناقشته في دائرة الصراع السياسي للإرادات التي تشكلت بعد 2003 حيث كانت الفوضى الديمقراطية احد نتاج الاحتلال الذي عمل على تفكيك وتفتيت الدولة والسلطة والمجتمع والإرادة ثم أعادة بناء دولة على أسس واهنة تتقاطع بها الولاء للوطن والولاء للفئة والحزب والمذهب والقومية.
لذا نجد ان النتيجة مازالت تراوح في مكانها بفضل المتضادات التي أصبحت جزء من صناعة المشهد، من كل هذا نجد ان هناك من وقف ضد أو مع المشروع أو يقف على خط التوازن ليشاهد كيف تنتهي حوارات الرأي والرأي المضاد وكل له حجته.
يلاحظ ان مداخلات السادة النواب ومقترحاتهم رغم أهمية البعض منها في تعديل بعض المواد أو توضيح الجهات المسؤولة وإيجاد الضمانات من خلال تحديد البرنامج التنموي وحصص كل قطاع وأولوياته، ان اغلب المواقف كانت سياسية يتم إسقاطها على المشاريع وهذا طبعاً سيجعل ان كل مشروع سيكون عليه توافق وتدخل المصالح ودرجات الاستفادة مما يفوت على الدولة مشاريع وفرص تنموية.
ونحن نتساءل هل يبقى البلد في دوامة فوضى ديمقراطية، وهل سيكون للفساد نصيب في هذا المشروع والتعاقدات، كيف يكون الضمان وعدم إدخال العراق في دوامة المديونية المستمرة، وهل لهذه المشاريع من دراسات للجدوى، وهل سينهي هذا القانون مشاكل ومعانات المواطن العراقي.
نعتقد ان طابع الاقتصاد العراقي مازال غير متوازن وليس له سياسة متكاملة وذات سمة استهلاكية يعتمد النفط كوارد والاستيراد أساس في تغطية الاحتياجات وان انكشاف السوق وتحرير التجارة والأسعار والإغراق مع غياب الشفافية وانعدام المحاسبة قد جعل المواطن لا يدرك اتجاهات التنمية وكيف ومع من يتعامل.
لذا فان عملية الشد لكل قرار أو خطوة سوف تزيد من مشاكل التنمية والاقتصاد الوطني مما يضعف القيمة الاعتبارية للعراق الحضاري.